responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 344
عَنْهُ وَتَتَوَكَّلُوا فِي أُمُورِكُمْ عَلَى اللَّهِ لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو لَا يَضِرْكُمْ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَهُوَ مِنْ ضَارَهُ يَضِيرُهُ، وَيَضُورُهُ ضَوْرًا إِذَا ضَرَّهُ، وَالْبَاقُونَ لَا يَضُرُّكُمْ بِضَمِّ الضَّادِ وَالرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ مِنَ الضُّرِّ، وَأَصْلُهُ يَضْرُرْكُمْ جَزْمًا، فَأُدْغِمَتِ الرَّاءُ فِي الرَّاءِ وَنُقِلَتْ ضَمَّةُ الرَّاءِ الأولى إلى الضاد وضمت الراء الآخرة، اتِّبَاعًا لِأَقْرَبِ الْحَرَكَاتِ وَهِيَ ضَمَّةُ الضَّادِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ تَقْدِيرُهُ: وَلَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا، قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : وَرَوَى الْمُفَضَّلُ عَنْ عَاصِمٍ لَا يَضُرَّكُمْ بِفَتْحِ الرَّاءِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْكَيْدُ هُوَ أَنْ يَحْتَالَ الْإِنْسَانُ لِيُوقِعَ غَيْرَهُ فِي مَكْرُوهٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فَسَّرَ الْكَيْدَ هَاهُنَا بِالْعَدَاوَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: شَيْئاً نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ شَيْئًا مِنَ الضُّرِّ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّ كُلَّ مَنْ صَبَرَ عَلَى أَدَاءِ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى وَاتَّقَى كُلَّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ كَانَ فِي حِفْظِ اللَّهِ فَلَا يَضُرُّهُ كَيْدُ الْكَافِرِينَ وَلَا حِيَلُ الْمُحْتَالِينَ.
وَتَحْقِيقُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ هُوَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا خَلَقَ الْخَلْقَ لِلْعُبُودِيَّةِ كَمَا قَالَ: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذَّارِيَاتِ: 56] فَمَنْ وَفَى بِعَهْدِ الْعُبُودِيَّةِ فِي ذَلِكَ فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ لَا يَفِيَ بِعَهْدِ الرُّبُوبِيَّةِ فِي حِفْظِهِ عَنِ الْآفَاتِ وَالْمَخَافَاتِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطَّلَاقِ: 2، 3] إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يُوَصِّلُ إِلَيْهِ كُلَّ مَا يَسُرُّهُ، وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَكْبِتَ مَنْ يَحْسُدُ فَاجْتَهِدْ فِي اكْتِسَابِ الْفَضَائِلِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قُرِئَ بِمَا يَعْمَلُونَ بِالْيَاءِ عَلَى سَبِيلِ الْمُغَايَبَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَالِمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ فِي مُعَادَاتِكُمْ فَيُعَاقِبُهُمْ عَلَيْهِ، وَمَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ عَلَى سَبِيلِ الْمُخَاطَبَةِ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُ عَالِمٌ مُحِيطٌ بِمَا تَعْمَلُونَ مِنَ الصَّبْرِ وَالتَّقْوَى فَيَفْعَلُ بِكُمْ مَا أَنْتُمْ أَهْلُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِطْلَاقُ لَفْظِ الْمُحِيطِ عَلَى اللَّهِ مَجَازٌ، لِأَنَّ الْمُحِيطَ بِالشَّيْءِ هُوَ الَّذِي يُحِيطُ بِهِ مِنْ كُلِّ جَوَانِبِهِ، وَذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ، لَكِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا كَانَ عَالِمًا بِكُلِّ الْأَشْيَاءِ قَادِرًا عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ، جَازَ فِي مَجَازِ اللُّغَةِ أَنَّهُ مُحِيطٌ بِهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ [الْبُرُوجِ: 20] وَقَالَ: وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ [الْبَقَرَةِ: 19] وَقَالَ: وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً [طَهَ: 110] وَقَالَ: وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً [الْجِنِّ: 28] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إِنَّمَا قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ اللَّهَ مُحِيطٌ بِمَا يَعْمَلُونَ لِأَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ الْأَهَمَّ وَالَّذِي هُمْ بِشَأْنِهِ، أَعْنَى وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ هَاهُنَا بَيَانَ كَوْنِهِ تَعَالَى عالما، بَيَّنَّا أَنَّ/ جَمِيعَ أَعْمَالِهِمْ مَعْلُومَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَمُجَازِيهِمْ عَلَيْهَا فَلَا جَرَمَ قَدْ ذَكَرَ الْعَمَلَ والله أعلم.

[سورة آل عمران (3) : الآيات 121 الى 122]
وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121) إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ]

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست